اشتري مستثمرون عرب الشركة المصرية للأسمدة بنحو ٧٥٠مليون جنيه، باعوها بعد عامين بنحو ٤،١ مليار جنيه «بحوالي ضعف ثمن الشراء»، ذلك علاوة علي مكسب الشركة من الإنتاج خلال العامين.
تكرر نفس السيناريو في صفقات بيع شركات النسيج والعصائر والمشروبات الغازية والأسمنت وغيرها. نبيع الأصول بتسرع غريب وبمقابل هزيل مع علمنا جميعًا بتلك الحقيقة، كي نفاجأ بعدها بنفس شعور «عواد» الذي باع أرضه.
كثيرًا ما كتبت - مثل غيري - عن هوس البيع الذي يصل لدرجة اللامعقول. ومن يصدق مثلا أن يتم بيع شركة في طنطا بمائة جنيه «مثلاً.. حيث لا أذكر الرقم تحديدًا» كي يقوم المشتري ببيع جزء - فقط - من أرض الشركة بمائتي جنيه، ذلك بخلاف ماكينات المصانع ومكاتب وعربات ومخازن الشركة، وحيث جري البيع بعد شهور من شراء المستثمر للشركة المذكورة.
وقد تكرر ذلك كثيرًا.. ذلك الهوس.. بما يذكرك بشخص يمتلك عمارة يبيع منها كل شهر شقة، بما يقلل دخله من عائد الإيجار، وبما يؤدي في النهاية إلي انعدام ذلك الدخل، حتي يصل به الأمر لبيع شقته نفسها والتحول إلي مستأجر بما بقي معه من سيولة أو البحث عن عقد في شقق الإيواء، ويظل مدينًا «برضه»، باع الملك وبقي الدين.
المضحك المبكي أنه تم ذات مرة بيع شركة بمبلغ يعادل أرباح أربع سنوات كانت تلك الشركة تجنيها. والمضحك كذلك أن يقوم المشتري أحيانًا بسداد ربع الثمن أو حتي أقل علي أن يسدد الباقي من الأرباح المتوقعة تأكيدًا!
والمبكي أنه يتم أحيانًا «تخسير» شركات بعينها، أي جعلها تخسر مع سبق الإرصاد والتوقف كي تباع وبسعر بخس وكي نفاجأ بعد البيع بأسابيع بأن نفس الشركة تعمل بكل نشاط وتكسب بكل سعادة وهناء.
وبالنسبة للمستهلك تبدأ الكارثة.. حيث يرفع المستثمر أسعار المنتج أضعافًا تضعف جيب وبدن وذهن المواطن «صاحب الشركة سابقًا». وكلنا نذكر شركة قها وأسعارها أيام أن كانت ملكًا لنا وأسعارها حاليا، كمثال ينطبق علي كل ما عداها.
كما ينطبق علي شركات الأسمنت التي بيعت بسعر تراب الأسمنت، وقام المستثمر كالعادة بالتخلص من العمالة المصرية بكل سلاسة، بعدها قفز السعر بحجة أن أسعار الأسمنت في العالم عالية دون اعتبار لتكلفة الإنتاج هنا: خامات وطاقة وبواقي عمالة وضرائب «إن وجدت»، ناهيك عن مستوي المعيشة في بلد المالك السابق، وليذهب أبناؤه إلي حيث ألقت، والعشوائيات فيها متسع لمن يريد.